ليس كل كاتب شاعر، و ليس كل شاعر مبدع، إن الشعر الذي يخون الإحساس ليس بشعر، و إن الشاعر الذي يضطر ليقول ما لا يريد أو حتى يواري بكلماته هشاشة موقفه ليس بشاعر.
الشعر وحي الضمير، قبل الإحساس، يأخذك لعالم تستطيع أن ترى من خلاله الحق دون أن يتجسد لك. يكفي أن يبلغك المعنى لتشعر بحياة قلبك. يكفي أن ينقل لك معاناة الآخرين لتعيش بإنسانيتك مهما كنت في جو متخاذل.
 |
| أشعار بلورية. للناضجين |
الشعر إن لم يكن بيانا فهو إمعان في ما يجب أن يُفصَح عنه. في الكشف عن المسكوت عنه. الشعر هو الجمال في النظم و الانبهار في المعنى، و يتجاوزه ذاك الشعر الذي يضعك في الدهشة أو يزرع فيك حس الإلهام.
إذا ما قُدّر لك أن تكون شاعرا أو متذوقا الشعر فأنت محظوظ لأنك تستطيع أن تهرب بمخيلتك من الأحزان و الهموم كما تستطيع روحك أن تشفى من دون عقاقير. فتذوق الجمال نوع من الإكسير الذي لا تأثيرات جانبية له إلا أنه يظل في الفضاء اللاواقعي حيث لا نلمسه. و يظل طعم السعادة فيه نسبي. لكنه يبقى الملاذ المغري لمن ابتلي به.
عودة
بعد انقطاع ليس باليسير، أنثر هذه المجموعة الجديدة من الأشعار المتنوعة، و التي و إن تنوعت فهي تصب في وجهة واحدة، ألا و هي أحوال النفس بين القطيعة و بين الحث على الحب المحمود و بين التمنع و الصد لتختزل ما تمر به هذه النفس البشرية من أحوال و كيف تتشكل من خلال الفصول فبين صيف المشاعر و بين شتائها تتبلور عاطفة الإنسان لتنضج كفاكهة طازجة فتعجب للزينة و تعجب للقطف.
توضيح
أنتقي من مفهوم الحب ما يرفعني و ما يعينني على تمرير هذا الحب لمن يحتاجه برفق و بلا بطر. و أدع ما يريبني أو أي قيمة يفقدني. أنا للحب عاشقة ما لم يحمل رسائل مضمرة أو تكون له نوايا سيئة. أنا سفيرة النوايا الحسنة في زمن قلت فيه حسنات كثير. و تشرئب نفسي لأشكال الجمال حيثما كان يلفت انتباهها. لكن الحذر مطلوب حتى لا تُحمَل الكلمات على غير معناها أو تُؤَوَّل من لدن من لم يُنَمّ تفكيره.
أنا لست مسؤولة عن فهم الناس لرسائلي إن كنت أفهمها بسلاسة و كنت أحترم أذواقهم. الغاية أن أنجح في تشكيل قوالب من الشعر و الأدب فتطرب المسامع .
أشعار بلورية
تفاءَل
ستزهر أوراقك مع أول قطرة ماء
فقط كن مستعدا لتحمل قساوة المطر.
أتحسب أنك يمكنك أن ترتوي دون عناء.
حتى حمولة الشتاء
فيها ما فيها من صقيع و برد
و تجمع قطرات و تشكلها
حتى يكون بها وزن في التأثير على الكلأ.
تدارُك
اِرم بظنونك يا فتى
وأقبل بقلبك ها هنا
لا يزال وقت للحب
إذا ما شئت طبعا
كل شيء لا يزال متاحا
الاعتذار و بدء صفحات جديدة
و لو حتى في آخر النهار
اِرم همومك و عبارات العتاب
لا حاجة لها
و لا تحرق الورقة الأخيرة التي بيدك
من منا لا يُخطئ و يُصيب
أنت تعلم
و كلنا يعلم
أن الحب ليس سهلا
و أنك ما قررت العودة إلا
لأنك اكتشفت أن في الرحلة ما يستحق ذلك.
قد يكون الوفاء
أو صدق العطاء
او هو الوقت الضيق الذي
لن ينتظرك بعد أخطاء متكررة أو متعمدة.
بما أنك قررت الاختيار
فلا شك أنك نضجت بما فيه الكفاية
لتكون مسؤولا و يُعوَّل عليك
في موكب العاشقين
في دفعة المخلصين
و لا مكان هنا للمتطفلين
من هم تواقون لخوض تجارب
و اللهو بقلوبهم
ظانين أن العمر طويل
أنا أقول لك
اِرم ظنونك
وألق بكبريائك أمام من تحب
آن الأوان أن تكون شفافا
لتعيش سعيدا و حرا.
ما تنتظره هو كذلك في انتظارك
فانطلق قبل فوات الأوان.
قالت بعد عشرة عمر:
و كان يحبني و كنت أحبه
و جار الزمان بيننا
فصرت من فرط الغياب أكرهه
هو كان و لا يزال
على الود بابا يفتحه من بعد باب
و ينتظر كما الصبي
ينتظر أمه إن غابت
ستعود حتما
فهي لا تنسى أبناءها الأحباب.
أجهزت على قصة و أنهيتها
قبل أن تنشأ فتشغلني
و أنشغل بها عن علم الكتاب
فلن يستقر إلا ما تشربته أوردتي
من قناعة علم و حكم
تشيب الرأس و توجب الأسباب.
فالحب عندي تغير مفهومه
تصدع مضمونه
و لا يتوقف على أشخاص أو أقراب.
ذاك الإحساس القديم المثنى
لن نبلغ ذروته إلا إذا أتانا الله به
فوالله كما هو نعمة
قد يكون فتنة و جنون و خراب.
هذه الدنيا ناقص كل ما فيها
لا تعطي بقدر ما تأخذ
و تعطي بعد عذاب و عذاب.
قصاص الشعور:
هل تعرف العنقاء
لا أظنك تعرفها
فأنت لا تفهم عن أمثال العرب
و أنا العنقاء التي لها أخوين اثنين
و أنا المستحيل كالحرية قادم
على عجلة القدر.
كالإعصار
و كالطوفان أحيانا
أليس الطوفان يغير دوامة الحياة
على منضدة أشعاري
ستنبت حبات اليقطين البرتقالي
تقتص من صخب الكلمات
و تعيد للحبر أحقيته في الرد من عدمه
لقد رأيت ظهر الظلم قد احدودب
و لقد علمت أن وقت زواله قد اقترب.
ستتساءل و تستغرب
في قرارة نفسك
و تقول يا للعجب
و لكن هذا متوقع
منذ أن تصدع جدار قلبي
امتدت اهتزازاته حتى بلغت مناط الكبرياء
لقد بلغ الصبر منتهاه و مداه
و لن تكون كلماتي بعد الآن عادية
فحتى في صمتي ستقرأ الرسائل
من جوف النوم ستتسلل إليك
لتؤرق نومك
و أنا أخذت عهدا على نفسي
ألا أنشغل هذه الأيام
ساكتفي بالتفرج من بعيد
و أنتظر الليلة التي
يعقبها أطول نهار في السنة.
لطالما حاولت أن تجعله قصيرا قبل هذا
و كنت تمني نفسك
ألا أستشعر عذوبة الشمس
حين الضحى و عند الأصيل.
و ها أنا أستطيع أن أهزمك دون حرب أدخلها.
فإن شئت سلطت عليك قلمي
أو شئت باهلتك بفمي
و إن شئت اختر سلاحك و واجهني
فحتمية النهايات بدأت تتصاعد
و التوافق بيننا صار متباينا و يتباعد.
انتصار
للنفس إن شئت سميته أو قصاص الزمن
احتضار
لكل ما بنيته من قبل على جراحات الآخرين
باختصار
خاسر أنت حربا فلا تدخلها
سيهزم جندك و تدحض حجتك
غريب أنت عن عالم العاطفة
فكيف تعرف للود طريقا أو إخلاص
في انتظار
ما سيحل بكبرياءك المزيف
هاك تتسلى بكلمات لن تفقه منها إلا ما تريد
و سيبقى الشك ملازما ينتابك
حتى ينقضي صبرك
حتى تنهار.
توهج
أنا لن أكون إلا كما ترى
و لن يجري إلا ما جرى
تؤلمني أطماعك فأتناساها
و أحتمي منها بتقواي
حتى لا أؤذي روحي زيادة.
عندما سهم الحسد في دمك سرى
ما عدت تذكر الجميل
فكيف تذكره بعد أن مضت أيام
و شهور و سنين
و ها أنت تعود لعادتك القديمة
و تفتح ملفات جديدة من ورا.
لا فلاح لك ما دمت تترقب سقوطي
لن يكون سقوطي إلا في حب نفسي
بعقلانية فهذا الأكيد
و غيره لا أملك أن أشرح أكثر
أو أصور لقلبك لأنه لا يستحق،
لأنه علي في الإثم افترى.
يقين
أحببتك !؟ و لكن
ليس هذا زمن الوفاء
و لا إعادة الزمن
و لا تصحيح الأخطاء.
أحببتك حين أحببت نفسي زيادة
و عشت ضيق العيش في رخاء
أكنت حاضرا
أم غابت عن ناظريك مفاتن الحسناء.
و إن كان يومنا هذا
يسمح بسهولة الحديث و اللقاء
فأنا قد تجاوزت الشك بيقيني
و بأنه الوحيد الذي يبقيني
لأحب مرة أخرى
و مرات أجد ما هو أولى
كالأمان
و كحرية الكلام
المهم أن تنساب الكلمات
مني دون تلعثم.
في فلسفة الحياة
هناك ما هو أكبر من الحب
و هو الاعتناء بالروح
هل جربته
إذا لم تعرفه
فدائرة الحب ضيقة تبقى لديك
و تحتاج دائما لوحدة قياس
حتى تفهم بعض الأمور.
و بعض الأمور تتلاشى
إذا حضر ما هو أهم
كساعة صفاء مثل هذه.
بكم تشتريها،
أو بالأحرى
أو إن كنت تملك كنوز كسرى
هل لك إلا أن تتحسر
و تتمنى لو كنت تعيشها
فتتخلص من تبعات الفؤاد.
اعتن بنفسك
أو لا تعتني
الأهم في كل هذا
أن تعلم أني أعيش السعادة .
تحدي
هل تجرؤ كلماتك أن تكذبني
أو نظراتك أن تفاجئتي
أنني كنت مخطئة في حدسي
حين نعتتك بالمزيف
ذو قلب من ورق و أنك في المشاعر
مهما حاولت التصنع فإنك مغلَّف
و أبعد ما تكون عن الصدق و الصلة
و هل يغيب الذي يهتم
أم تكون له شؤون أخرى أهم
كفى من التلاعب في الحوار
و استراق الكلمات من هنا و هناك
يكفي أنك سعيد هكذا
و على ما يبدو أنك مكيّف
تماما كما كنت تبدو أول مرة
أنيق و ذو لسان عتيق
و ذوق حر طليق
لكنك نسيت أن ترتدي
قناع اللطافة هذه المرة.
فقد فضحنك الوقاحة التي رسمتها
على محياك أيها العاشق المجوَّف
