الجزء الثاني و الأخير من القصة القصيرة ( الجادة7)
تتمة القصة القصرة:
بطولة خلف الأضواء
- دخلت و أرشدتتي الخادمة إلى غرفة الضيوف و قصدت أول أريكة جهة اليمين، جلست عليها و تسمرت في مكاني. بعدها بقليل، دخلت علي امرأة فارعة في الطول مزينة بالحلي الفاخر و ببمينها مسبحة لامعة كانت تمررها بين أصابعها، ألقت علي التحية و رددتها عليها ثم قالت لي: مرحبا بك، من تكون؟ أجبتها: أنت لا تعرفينني لكنني التقيت بابنتك منذ مدة و أحببت الاطمئنان عليها خصوصا بعد فترة الحجر القاسية التي كانت.
ردت علي متأسفة: آه يا بني ليتك قدمت إليها من قبل، ربما كان الوضع سيختلف. قلت: ما الخطب يا سيدة؟ قالت: ابنتي مريضة منذ تلك الفترة، لا نعرف مرضها بالضبط! شعرت بالقلق من كلامها، هي لم تفصح و لم توضح نوع مرضها و لكنها أطردت قائلة: تلك الحقنة اللعينة. تلك الحقنة اللعينة. قلت: أية حقنة؟ ردت: لقد أخذت ابنتي الجرعات الثلاث في فترة الوباء. فهمت من كلامها أن حالتها ستكون سيئة لما علمت ما أصاب الكثير من الناس من حولي و خصوصا من أخذ الجرعات و كانت معه أمراض مزمنة.
هممت أن أسألها لتفصل في حالتها أكثر لكن الخادمة عادت من جديد و قالت لمولاتها :الآنسة لا تستطيع أن تقف على رجليها، لقد تكررت الحالة التي تنتابها. خفق قلبي بشدة من الخبر. كيف هي لا تستطيع أن تقف على رجليها! ساءني الخبر و صرت أفكر كيف يمكن أن تشعر فتاة في مثل سنها و حالتها... فتاة جميلة رشيقة منعمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بين عشية وضحاها تفقد القدرة على المشي. هكذا بكل هذه البساطة! و بينما أنا أحاول استيعاب الأمر. دخلت الفتاة على كرسي متحرك تدفعها الخادمة. رفعت عيني قليلا أحاول رؤيتها فإذا بها تقول لي: مرحبا مرحبا، تفضل. لماذا لم تضيفوا ضيفنا بعد.
كنت أتطلع إليها في اندهاش تام لتغير أحوالها. ملامح التعب كانت بادية على وجهها، و انطفأت تلك الشعلة المتوهجة التي كانت في عينيها حتى أنها بدت كأنها ليست هي. حاولت أن أبادر بالحديث فلم أجد ما أقوله فقالت هي: ما بك، هل أنت أيضا مستغرب من حالي؟ اردت أن أرد عليها نافيا ما قالته لكنها قاطعت كلامي بقولها: هل أنت كذلك مستعجل و تريد المغادرة؟ و في تلك اللحظة بالذات كانت الخادمة قد أتت لي بكوب كوكتيل من العصير دفعت به الحرج و الحشرجة التي كانت عالقة في حلقي. أخذته و ارتشفت منه رشفتين طويلتين ثم وضعته على المنضدة القريبة إلي و التي هي من الكريستال اللامع فانعكست صورة وجهي عليه و رأيتني أبدو متوجسا.
هي كان القلق ظاهرا على محياها جليا. قالت: حسنا، شكرا على مجيئك. أنا أريد أن أتحدث معك حقا لكن ليس الآن. ربما في وقت لاحق. علمت من كلامها أن الوقت لم يكن مناسبا أبدا للحديث أو البقاء فاستأذنت منها و من والدتها و غادرت بعد أن قلت لها نعم بكل فرح. في فرصة قادمة إذا.
خرجت من بيتهم و قد علق بذهني كل كلمة كانت تنطق بها و كل حركة كانت تقوم بها، و حتى سكناتها علقت بذهني لأخضعها لقراءاتي فيما بعد لعلي أخرج منها بتفسير تقريبي لحالتها النفسية تلك. و أنا عائد إلى البيت أقول في نفسي: كيف أنها تحدثت معي بذلك الجفاء و تتهكم علي أني مستغرب من حالها. و لكن لا بأس في ذلك، هي مصدومة مما حدث معها. و عدم تقبلها للمرض مسألة متوقعة خصوصا أنها كانت من قبل في أتم عافيتها.
ذهبت إلى البيت. لم تكن لدي رغبة بالأكل، سلمت على أهلي و دخلت غرفتي. أول ما فعلته أنني أخذت الحاسوب، فتحته و توجهت لمحرك البحث غوغل فكتبت: الآثار الجانبية المحتملة للتلقيح ضد للكورونا. ظهرت عناوين متعددة ففتحت إحداها، بدأت أقرأ و أقرأ... وجدت أعراضا مختلفة و متنوعة و متفاوتة. و من بين الأعراض، وجدت أن من مضاعفات هذه الحقن احتمالية الإصابة بالشلل الجزئي أو النصفي . فبدأت أشعر بخطورة الأمر أكثر و خصوصا عندما تطرقت للجانب النفسي عند المصاب، فوجدت أن هناك علامات تقترب كثيرا من العلامات التي كانت عليها كالقلق و سرعة الشعور بالملل و فقد الشغف في الحياة . دارت بي الدنيا و احترت، و في نفس اللحظة انتبهت إلى حالي فإذا بالوقت قد تأخر. أطفأت الجهاز فيما بقيت قصتها مشتعلة في ذهني و توجهت لفراشي للنوم.
لم أتمكن من النوم بسهولة و صرت أحدث نفسي مثل المجنون. قلت: هل كان من الصائب أني ذهبت عندها اليوم... هل علي أن أفكر في مساعدتها؟ و إن كان الأمر كذلك، فلم سأفعل ذلك؟ علي أن أدرك إن كنت قادرا على ذلك و تحمل النتائج مهما كانت. يبدو أن القدر ساقني إليها لأعينها في استعادة حياتها بشكل شبه طبيعي. ثم قلت: و ما الفائدة من خوض هذه المغامرة في حالة إذا تعلقت بها و لم تكن هي من نصيبي. قلت: ما هذه الحماقات التي صرت أفكر فيها.
يبدو أنني قطعت أشواطا في الجنون! و لم لا أرى فيها مجرد أخت قد أساعدها من باب حسن المعاملة و الأدب دون أن تكون لي غاية أخرى. هذا ما يجب أن يكون لأن قراءة الأمر على غير هذا النحو قد يؤدي إلى قراءات و سيناريوهات أكثر تعقيدا و أنا لست بقادر على التفكير فيها. قررت أن لا أفكر في شيء إلا أن أعمل جهدي و أكثر لأرى ابتسامتها تعود مثلما كانت، و بعدها لكل حادث حديث.
قضيت أياما متتالية أمارس حياتي بشكل عادي و تأتي في ذهني صورتها بين الفينة و الأخرى فأنشغل و أنا أنتظر اللحظة التي ستتصل فيها و تدعوني للحديث، ربما تنقص عند ذلك حيرتي و يبرد الشوق و يشبع فضولي و ينتفي الغموض الذي أشعره تجاهها.
بعد مرور خمسة أيام، و بينما أنا أستيقظ من نومتي أسمع رنة رسالة تصدر من هاتفي. وجدت رسالة قصيرة، لا زلت أتذكر كلماتها تقول فيها: أنا أريد أن أتحدث معك. إن لم يكن لديك مانع فلتأت بيتنا عند الرابعة مساء. كانت تلك الكلمات بمثابة الدافع الذي جعلني ابدأ يومي مبتهجا و علمت يقينا أن يومي سيكون مختلفا. لا أعلم سبب يقيني هذا و لكن حدسي كان يدفعني بكل قوة حتى يأتي الموعد لرؤيتها.
ذهبت في نفس الموعد بعد أن كنت قد ارتديت ملابسا أرتاح فيها أكثر و قبل أن أخرج من البيت تطلعت في المرآة فرأيتني وسيما فضحكت من أعماق قلبي و كأنني لأول مرة أنتبه لهذا. خرجت منتشيا و على لساني أردد معزوفة رومنسية كان مطلعها. الحياة حلوة بس مين يفهمها....
وصلت البيت في الموعد المحدد. و كانت بالفعل هي في انتظاري. أرشدتني أمها لغرفة الضيوف. و بالفعل، كانت هناك في انتظاري، ألقيت عليها التحية، و قلت لها : يمكنك أن تبدئي في الحديث. حكت لي كيف أمضت تلك الفترة العصيبة من الحجر و أنها كانت كثيرة الخروج و السفر منذ صغرها و بالتالي كانت لا تستطيع ان تصبر كما باقي الناس و تمكث بالبيت فرحبت بفكرة أخذ الجرعات ظانة أنها ستحميها و تخولها التنقل بكل حرية، و هكذا تراجعت حالتها الصحية شيئا فشيئا.
كانت تحكي قصتها و كنت ألمس الندم في كلامها و عندما أنهت حديثها قلت لها: طهور إن شاء الله، قدر الله و ما شاء فعل. قالت: هل تعلم لم دعوتك اليوم؟ قلت نعم لكي تقصين علي ما حدث معك. قالت نعم، و لكنني في الحقيقة أريد استشارتك في أمر. قلت: ماذا خير؟ قالت هل أنت تدرس أم تعمل؟ قلت: أنا أنهيت دراستي، و قبل الكورونا، كنت أعزم للسفر للخارج لكنني عدلت عن ذلك. قالت: أنا قرررت أن أسافر لأخضع لعملية، لقد بحثت و سألت و وجدت أن هناك احتمال كبير أن أشفى و تعود لي قدماي مجددا.
قلت :هذا خبر مفرح جدا. قالت: و لهذا أنا أطلب منك إن كنت تستطيع أن ترافقني و أمي إلى هناك و سأتكلف بكل التكاليف المتطلبة على أن لاتقل هذه الفترة عن شهر. قلت لها: دعيني أفكر في الأمر و أخبرك. و بينما أنا أستأذنها إذا بالخادمة تأتيني بكوب قهوة تنبعث منه رائحة زكية جدا لكنني اعتذرت منها و غادرت مندهشا من الاقتراح الذي اقترحته علي. و خرجت من بيتها هذه المرة أكثر حيرة من المرة السابقة. فلم أدر حقا هل هذه فرصة لي أنا كذلك لأخوض تجربة عمل هناك و أضرب عصفورين بحجر واحد أم هي مخاطرة، وقلت: ما الخطر الذي من المحتمل أن يواجهني مثلا، على العكس، قد تكون هذه فرصة انتظرتها منذ زمن و قد حان وقتها.
عدت لبيتي و أنا ممتزج الشعور بين الحماسة و المغامرة و صار يتملكني شعور بأنني مقبل على حياة جديدة ربما أقامر فيها بقلبي و دراستي. و بين الفوز و الخسارة سيظل إحساسي يتأرجح حتى يهدأ حدسي و يطمئن قلبي، فحينها يمكنني أن أختار الاختيار الذي أراه مناسبا.
مضت خمسة عشر يوما فإذا بها تتصل بي و تسالني عن ردي عن موضوع مرافقتها للسفر. كنت خينها قد استشرت أسرتي فلم تمانع بل تركت لي الخيار فاقنعت نفسي بإكمال ما بدأته و هو أن أرافقها في رحلة علاجها.
أخبرتها بموافقتي فسرت أيما سرور و حددت التاريخ الذي سنسافر فيه.
غربة في مدينة الضباب
جاء موعد سفرها و جاءت اللحظة الحاسمة لأواجه تجربة فريدة من نوعها. ودعت صديقي الذي كنت قد التقيته من يومين و حكيت له قصتي فكان يحثني على على الذهاب و أحيانا يسخر ويقول لي أخشى ألا تعود بهذا التلألا الذي أراه على وجهك. قلت له لماذا تقول مثل هذا الكلام. قال أخشى أن تصيبك لعنة الحسناوات. قلت كيف هلا أفصحت أكثر، قال انس يا صاح، إنها مجرد مزحة...
حين أتى موعد السفر، كنت على أتم الاستعداد و كنت المرافق الأمين الذي سيرافق هذه الأسرة فاتخذتها كأنها مهمة رسمية.
أخذنا الطائرة وبعد أربع ساعات كنا هناك. في بلاد أخرى و وجوه أخرى و ها نحن نواجه ثقافة أخرى فشعرت أنني فعلا ساخوض تجربة جديدة في حياتي أول ما فيها هو ابتعادي عن اسرتي و كذلك أنني سأعيش لفترة مع أناس لا أعرفهم و لا يقربوني فكان التحدي بالنسبة لي مضاعفا. علي أن أثبت أنني أهل للمسؤولية و أن أحاول التأقلم مع نمط العيش هذا بحيث لا يظهر علي شيء من عدم الارتياح.
مكثنا في الفندق مدة أسبوع و جاء موعد العملية. دخلت لغرفة العمليات بينما دخلت أنا في متاهة الأسئلة المفتوحة...
ماذا بعد العملية، هل سينتهي عقد العمل هذا، هل ستنجح العملية و تعود لحياتها الطبيعية، هل ساستطيع التخلص بسهولة من ذكريات هذه التجربة و أكتفي بأنني كنت الشخص المنقذ لها و كنت البطل الذي أدى دورا بطوليا خلف الأضواء...
كانت كل هذه الاسئلة تراودني إلى أن سمعت أمها تقول لي الحمد لله عادت لابنتي قدميها. لم أسطع أن أقول كلمة ولكنني استسمت ابتسامة اخفت كل الضبابية التي كنت أشعر بها قبيل هاته اللحظة.
خرجت المدينة الأوروبية أتجول شوارعها الشاسعة و أضواءها اللامعة. جلست في إحدى المقاهي لفترة ثم عدت للمستشفى. و كانت المفاجأة.
شاب جالس بقرب أمها يطمئن على صحتها و يتحدث بصوت مرتفع غير مبال بالمكان و حرمته. تطلعت إليه فإذا بأمها تقول لي تعال يا مازن هذا ابن أخي يقطن هنا في المدينة و قد علم بوجودنا فاتى للزيارة.سلمت عليه فسال و من أنت أجابت أمها هو ابن صديقتي طلبت منه مرافقتنا في رحلة العلاج.أخذت مكانا فوق راسها و جلست على الجهة اليسرى و همست في أذنها. حمدا لله على سلامتك. أشارت بيدها كأنها تود أن تشكرني .
في اليوم الموالي كانت تجربتي قد دخلت مرحلة جديدة بالفعل، لما أخبرت أنها ستطيل المكوث هنا مدة اكثر مما قررت منذ البداية. لاحظت ابن خالها اصبح كثير التردد لبيتهم لأفهم بعد ذلك أن الفتاة لا تمانع ذلك و أنها مرحبة بذلك و كنت الاحظ إعجابها به باديا عليها. و فهمت بالتالي أن أحلامي التي رسمتها على هامش الخيال بدأت تقل شيئا فشيئا.
انتظرت الوقت الذي تتحسن فيه لأعود لبلدي و أكون ذاك الشخص الأمين المثالي الذي يحترم حدوده و يعرف ما له و ما عليه.
اقترب موعد سفري و عودتي لبلدي. أخذت حقائبي و ودعت الأسرة و كان الوداع هكذاهي: في الحقيقة لا أجد الكلام الذي أعبر لك به عن شكري و امتناني لوقفتك معنا هذه و لمعروفك الذي صنعته من أجلي.قاطعتها قائلا: لقد كان اتفاقا و أنا أتيت بكامل إرادتي و الأهم الآن أنك استعدت صحتك و ستكونين في أيد أمينة مع أمك و قريبك. أتمنى لك السعادة و انصرفت.
عند عودتي كنت أعاتب نفسي في صمت و أقول كم أنا أناني، لماذا أنا منزعج، ألم يكن هذا اتفاقي و خطتي من البداية، ما الذي تغير الآن، لم أنا ضائق صدري بما رأيت أم أن ماجدة الرومي صدقت حين قالت أن الشرقي لا يرضى إلا بأدوار البطولة.
أغلقت الموضوع و شعرت بازدواجية بل كانت ثلاثية، شيء من الحزن و كثير من الفخر و متوسط من التوازن كنت أرى فيه نفسي أنني إنسان بصراحة. يكفي أنني أتممت مهمتي على أكمل وجه و قطعت الطريق على حظوظ نفسي وكففت جماحها.
عودة و استقرار
عدت لمدينتي و أسرتي و قررت البحث عن عمل في أقرب فرصة لأشغل نفسي و أبني حياتي أنا كذلك. توالت الايام و الشهور و مضت سنتين. كنت قد تعرفت فيها على إحدى الفتيات أثناء العمل. أعجبتني أخلاقها فتزوجتها بسرعة لأعيش حياتي بكل تفاصيلها لأنني أؤمن أن الحياة تمضي بسرعة فعلينا أن نستغل الفرص فيها.
في يوم ماطر عاصف كنت عائدا من العمل لمحت ملامحا فتاة شعرت كانني أعرفها و لأنني كنت مسرعا بالسيارة فلم أستطع رؤيتها جيدا فحاولت استرجاع صورتها فوجدتها كأنها تشبه الفتاة التي كنت بطلها المنقذ في أحد الأيام. خفق قلبي و قلما يخفق قلبي و لكن شعرت أنني كنت حبيس ذكرى قد ولت. أخرجت الموضوع من رأسي و عدت لبيتي و لزوجتي.
خلاصة الحياة بين ألم و أمل
بعد أسبوع اتصلت بي أمها تخبرني أن ابنتها قد فتحت مركزا للاستشارات الأسرية و تريد أن أجد لها سكرتيرة و حين سألتها عن أحوال ابنتها أخبرتني أنها تزوجت و أنجبت ابنا و أنها طلقت من فترة وجيزة فقد تبين أن زوجها لم يكن إلا استغلاليا لمالها و حسب و في أول صراع بينهما أتت السلطة و أخذت منها ابنها بحجة أنهما غير كفؤا للتربية. فكان رد الزوج أن أعجبه ذلك ما سمح له بالتمادي و الغطرسة و كان حال ابنتها أن عادت لبلدها بعدا تعافت من صدمة فراق ابنها.
تعجبت من حجم الأحداث المصيرية التي حدثت معها و قلبت حياتها بسرعة مهولة في هذه الفترة القصيرة فلم أدر ما الشعور المناسب و لا القول الذي يجب علي أن أقوله. فقلت لا حول و لا قوة إلا بالله.
أخبرت الأم أنني سأوجهها لمركز طلب السكرتيرة و مضيت و أنا لم أدر أين كان الخير و أين صريح الشر. هل في عدم زواجي منها أم في طلاقها أم في فقدانها لابنها أم في لقاء أمها بعد كل هاته الفترة. و أيقنت حقا أن اكتمال السعادة في هذه الحياة الدنيا شيء مستحيل و أن رؤيتنا قاصرة مهما ابتغينا غيرالأقدار التي كتبت لنا. و أيقنت من خلال تعامل زوجها أن اقتصاص الحقوق لا يكون بالطريقة التي نشاء بل كل ذلك يدخل فيما اختص به الله. فالمهم أن يبقى الإنسان متمسكا بمبادئه و أن لا يضعف كلما تعلق الأمر بحقوق و حدود الآخرين. و أن الأهم ألا يكون حجم الندامة كبير في نهاية المطاف.
كانت هذه قصة خيالية و كنت أنا بطلها الذي اختار بين السبيلين أن يعاني أخف الضررين لأنه في كل مرحلة كان يمر بها كان يضع نفسه مكان الآخرين فلم يتبع هواه و نزواته على حساب ضميره.