على بوابة القصر( مجموعة قصصية )

هذه مجموعة قصصية قصيرة و متنوعة اتمنى أن تنال إعجاب القارئ، و قد أتت على الشكل الآتي

على بوابة القصر 

على بوابة القصر(مجموعة قصصية )
على بوابة القصر(مجموعة قصصية )

في الساقية
في رحاب مسيد السي ادريس

أطفال تيمحضيت ألم و أمل 

بائعة الكبريت 

قصة قصيرة👈  على بوابة القصر

- أقبل الملك و قرع نعليه لا يكاد يسمع ليجد الحديث في أوجه. الأميرة تخاطب الحاجب بحدة صوت و تقول: ما كنت أتوقع أن جرأتك هذه قد تودي بك لتببع نفسك و تخون من نبتت لحمك من خيراته. ما ظننتك يوما أن تكون نذلا و لا خسيسا لهذه الدرجة!خسئت يا ابن بائعة الحطب. 

- حملق في وجهها الحاجب بخجل و أحنى عينيه و أطبق يقول: لكنك تعلمين يا مولاتي أنني كنت أريدك. منذ دخلت لهذا القصر لم أظفر بجلسة معك أبدا. لطالما كنت مولها بك. و ما فعلته إلا حبا في قربك و غاية في راحتك. أجابت الأميرة: راحتي! ماذا تقصد بقولك؟ اخسأ يا عديم الشهامة . هنا قطب الملك حاجبيه ينتظر سماع المفاجأة ...! قالت: ما كنت لأكفر النعم و أشتري بحماقاتك ويلات النقم. أنا لا أحب الملك حقا، ولكن أبي لم يكن امرء سوء حتى أسود وجهه.

-  تسمر الملك في ذهول، تردد في الدخول و أطلق عنان أذنيه ليتأكد من الخبر. فسألها الحاجب: أفهم من كلامك سيدتي أنك كنت تحبينني و تخفين ذلك؟ ردت عليه في اعتراض: أكيد لا. و هل أنا مجنونة لأستبدل القمر بالكواكب. ألا تعلم أيها النذل الجبان أن في هذه الحياة ما هو أكبر من الحب .

 ألا تعلم شيئا عن الوفاء و عن رد الجميل. هنا أخذ الملك نفسا عميقا و كأنه يقول في نفسه. لعلها ليست كما أسأت الظن بها. و هنا شهق الحاجب و صرخ صرخة الندم و قال: هل تقصدين أنك ستلبسيني الجريمة و حدي؟! ألم تفرحي بخبر تسميمي لطعام الملك؟! و قبل أن يتم كلامه سمعا ضجة و صراخا فإذا بالملك يقع أرضا و الصولجان يسقط وراءه تباعا. و إذا هما يقفان مذهولان من الصدمة. لقد رحل دون أن يطمئن قلبه...

 قصة👈 في الساقية

ماذا يفعل هؤلاء في الساقية، و ما بال ملابسهم بالية؟

-  أول ما تقع عينك عليهم تحيلك الصورة إلى حقبة زمنية، كان فيها للأطفال  قصص و حكايات. ملابس رثة متشابهة ووجوه توحي بالبساطة و العفوية. البعض منهم بملابس شبه عارية، غير مبالين بملاحظات رفقائهم و انتقاداتهم لأن حالاتهم الاجتماعية  تكاد تكون متساوية.

مجموعة قصصية بعنوان على بوابة القصرك
مجموعة قصصية بعنوان على بوابة القصر

 هكذا يتجمعون كل مساء يملأون القنينات بالماء الصالح للشرب و يلهون و يقضون أوقاتا مرحة، و يعودون مبللين محملين بأثقال القنينات. إذا جلست مع أحدهم و سألته عن طموحه في المستقبل أجابك بكل حزم و شدة، أريد أن أصير مثل والدي. و إذا سألت طفلة منهم أجابت، أريد أن أكون مثل خالتي خياطة تقليدية ماهرة. 

أحلامهم صغيرة لكنها ممكنة و واقعية. أمنياتهم أن يظفروا بلعب كتلك التي يأتي بها بعض أهاليهم القاطنين في الخارج و أن يلبسوا في مناسبة العيد ملابسا جديدة يفرحوا بها و يعيشوا أجواء خرافية. 

- هؤلاء الصبية، كانت لهم خاصية، لم تعد تجدها الآن. كانت ترفعهم كلمة و تضعهم نظرة عابسة من أحد الجيران. تراهم ينظرون للأرض استحياء و خجلا أو خوفا و توقيرا لكبيرهم. هؤلاء صبية لن يكررهم الزمن. ينتظرون حصص الرسوم المتحركة كل مساء بكل شوق و لهفة، يستنيرون بالفتيل و مصدرهم الضوئي ضوء القمر و بطارية. 

مشاكلهم كانت جلها التأقلم حينا و المقاومة أحيانا لأحوال الطقس القاسية. إذا اطلعت على عقولهم وجدتها خالية من الشوائب، خصبة، جائعة للتعلم و الاستكشاف. الشر عندهم لا يتجاوز سرقة لعبة أو خصام لحظة انفعال أو عناد كنتيجة للملل من اللعب. 

- هؤلاء الأطفال لم تعلمهم أمهاتهم أبجديات التمييز و الحذر من الزملاء و سوء النية.لم يتلقوا ثقافة الاختلاف و أن تطوير الذات يعتمد على الاهتمام بأنفسهم و تجاهل الآخرين.

 - كان الوقت و الظروف تسعفهم  لكي يعيشوا طفولتهم في سلام من ألعاب الفيديو المدمرة و في مأمن من الخوف على أخلاقهم البريئة. لا تتجاوز جرأتهم أن ينعتوا بعضهم في زلات محدودة مهما تعددت أنماطها و ألفاظها. هؤلاء الصبية سواء في الساقية أو في المسيد أو في المدارس النائية، كقطعة عجين تستطيع أن تشكلها كيفما تشاء. 

و مع مساوئ خضوعها الذي في واقع الأمر لا يساعد في بناء شخصيات مستقلة ذات رأي  متفرد ، إلا أنها تبقى أهون من هاته الحقبة التي سلب فيها أبناؤنا الحق في الاستمتاع بطفولتهم البريئة و التي اقتحمتها وسائل الإعلام و التواصل المزيفة، و أدخلتهم مبكرا وباستباقية، في دوامة من الضبابية، جعلت حياتهم على محك بين عالم افتراضي، الكل فيه مباح و متاح و جديد و مغر، و آخر واقعي لا يطابقه و إنما نقيض له أسقطهم في  ازدواجية الشخصية. فمن يشعر بهؤلاء الصبية و ينصف الطفولة التي أصبحت تعاني في صمت بلا إرشاد و لا عناية و لا احتوائية. 

قصة👈 في رحاب مسيد السي ادريس

- هو المسيد، أول مدرسة قرآنية تربى فيها جيل إخوتنا في الفترة السابقة قبل ولوج المدرسة العمومية. و كانت بصمة جميلة في عمرهم. 

و حيث لا تعد و لا تحصى منافعه. فإن شئت قلت اللمة و اللحمة التي كانت تجمع بين الصغار، و صقل ذاكرتهم بروحانية آيات الله فيسهل عليهم الحفظ و تتقوى ذاكرتهم، ثم توقيرهم و معزتهم للفقيه الذي كان يلقنهم و يدرسهم ناهيك عن الهيبة التي كانت سائدة بينهم مما كان يدفعهم لاعتبار و تعظيم كل ما عظمه كبارهم و أولياؤهم من الصالحين. 

فقد شهد التاريخ بأن أخرج لنا فتية نوابغ في العلم و التحصيل. ذاك جيل قد ولى وولت معه البركات. و مع أن لكل جيل أهله و اهتماماته، إلا أن ركن المسيد هذا كان و سيظل رمزا للهوية و الاعتزاز بالدين. 

- تجمعوا واحدا تلو الآخر ينتظرون دورهم ليلتفوا حول شيخهم أو معلمهم. تأخر في المجيء، و بعد وقت ليس باليسير طلع عليهم رجل بجلباب خشن و لحية كثيفة سوداء. كان طوله بادئ للعيان لدرجة جعل المشاغبين منهم يسخرون منه . و رغم محاولتهم إخفاء ذلك، فقد رمقهم بعينيه و أحدهم يلمز الذي بجانبه و يقول له هل لاحظت النخلة الساطعة. 

لقد وقعت هاته الكلمات مباشرة في أذن الرجل الغريب فتهجم وجهه و انتفخت و جنتيه و قال: هل أنتم طلبة السي ادريس؟ قالوا نعم. رد عليهم:  هو مريض، لن يستطيع تدريسكم اليوم. أنا من سأدرسكم ريثما يتماثل للشفاء. كانت فرائص ذاك المشاغب ترتعد لما علم بأنه لا محالة ماثل أمام هاته القامة والشخصية المخيفة. 

- دخلوا الكتاب و أخذوا مجالسهم. فصاح أحدهم: سيدي الفقيه. ما رأيك أن نؤجل حصة اليوم، أتسمح لنا بزيارة الفقيه سي ادريس؟ أجاب متهكما،: هل تعتقدون أنه قد تنطلي علي حيلكم المتعددة. إنما هي طريقة لتهربوا من القراءة و الدراسة. صمتوا جميعا ثم نطقوا جملة واحدة. اعذرنا يا سيدنا و لكن بصراحة نحن لا نريد أن نتعلم إلا من شيخنا، فهو يفهمنا أكثر و حكاياه تعجبنا و تلهمنا. هنا وقف الرجل من مكانه غاضبا و رمى العصا التي كانت في يده و أخذ بخفيه و خرج و لم يعقب.

قصة👈 أطفال تيمحضيت ألم و أمل

بين مطرقة الأطر التربوية و سندان نظام أساسي مجحف، يتردد هؤلاء الصبية المحرومون من حقوق شتى إلى حجرات مربعة الشكل، تشبه نوعا ما تلك الأقسام التي يختلف إليها التلاميذ للدراسة و التعلم. 
يستيقظون قبل صياح الديكة و يتناولون ما تيسر من حسوة شعير لتدفئ بطونهم ثم يتناولون خبزا أو رغيفا مدهونا بمربى أو زيت زيتون مع شاي أو حليب، فيمتلئون بقطع قماشية غليظة ليتقوا بها من شر البرد و قسوة الثلوج. ثم تبدأ رحلتهم بالتوجه للمدرسة و التي تستغرق أكثر من ساعة من الزمن مشيا على الأقدام و منهم من يقطعها ركوبا على دابة كجحش أو بغل.

- يقضون ساعات متعددة داخل هاته الحجرات، يقاومون البرد تارة و تارة أخرى يتنقلون من صف لآخر و من زاوية لأخرى هربا من قطرة الماء التي ما تفتأ تتوقف كلما هطلت أمطار. 
ظروف أقل ما يقال عنها أنها قاسية على الكبار فكيف بالصغار. و مع كل هذا فكثيرا ما يتجمعون أعدادا كثيرة و أعمارا مختلفة في قاعة واحدة عند غياب أحد الأساتذة .

 هكذا دأب هؤلاء الأطفال الذين قدر لهم ان ينشؤوا في هاته المناطق النائية و البعيدة عن مجمل مظاهر المدن الحضرية. 
ترى هل يستفيق الضمير الجماعي ليلتفت لشباب المستقبل المعول عليهم في النهوض بشأن وطنهم. هل يستجيب المسؤولون بإنصاف معلميهم ليستمروا في إنارة عقول التلاميذ و ينتصروا معا على إكراهات الظروف الطبيعية و غلاء المعيشة الذي أصبح يقض مضجع المواطن المتوسط الدخل و الفقير على حد سواء ؟

قصة👈 بائعة الكبريت

عود الثقاب حينما رحل رحلت معه أيام البركة و اللمة و أشياء لا تذكر. عود الثقاب بعدما رحل كشف النقاب عن جشع الإنسان من كدح إلى ابتغاء ما وراء القمر لتغيير القدر، عود الثقاب كان رمزا ينبئ بحلول الليل و رحيل النهار و بداية روايات تحكيها طفولتنا أمجادا تتلى ذكريات ترصع لا ينصفها حبر عود الثقاب شرارة إخطار، بإعلان حضارة تضيء العتمة و تعتم الأنوار لتسطع الأقنعة و تعيش الأدوار . 

- عود الثقاب كشف النقاب، أضرم الخراب في ليلة وداعه، بدأ السراب يقترب شيئا فشيئا لمدينتنا، عم الضباب حياتنا اليومية و استهلكت أوقاتنا وبدأ ينمو بداخلنا الغراب، و الطفل الذي كان بداخلنا هاجر إلى بلاد ما وراء السحاب.

 و صارت أحاديثنا لا طعم لها واهتماماتنا زائفة تدنو من القشور و تستغني عن الجوهر و فقدنا حلاوة الأشياء و مصداقيتها و أصبنا بجنون الظهور و التميز بلا تميز . وانقضت فتيلة البساطة مع رحيل بائعة الكبريت

MAGDA
بواسطة : MAGDA
ماجدة الضراوي: - طنجة. المغرب. - صانعة محتوى كتابي أدبي. -حاصلة على الإجازة في القانون خاص. - أستاذة لغة إنجليزية بالسلك الابتدائي الخاص. - درست القرآن الكريم برواية ورش عن نافع في معهد عائشة أم المؤمنين بطنجة. - درست في المركز اللغوي الأمريكي - طالبة في برنامج البناء المنهجي دفعة البشائر 5 الاهتمامات الأدبية: - الكتابة والشعر والقصص القصيرة. العضوية والنشر: - عضوة في منتديات متعددة في الوطن العربي - نشرت بعض أعمالها في المجلات المحلية الطموح. - المساهمة في إثراء المحتوى الأدبي. - تسليط الضوء على صوت المرأة في مجال الكتابة الإبداعية وباقي ميادين الحياة.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-