مقالة بعنوان رحلة إلى الإيمان

 و علمي بالدنيا زادني متاهة، فمن فضولي بحثت، فألف طريقة، و طريقة، و ألف إمام و إمام.و كتاب الله زادني عمقا و خلاصا، فألف حقيقة و حقيقة، و ألف سلام و سلام. فيا أيها الحائر، من وجدت الكل ساخر، و هذا القانون جائر، عد إلى القرآن فهناك البوصلة، تهدي كل سائر، و لا تعتمد على ذكائك و لا علمك فهناك المهلكة و المخاطر.

رحلة إلى الإيمان
 تشرَّب كلمات ربك و هي ستنير لك كل مبهم فيصير ظاهرا، و اسأل عن الذي أوحي به إليه تجد جوامع الكلم و حسن الخصال، و لازمها ما استطعت. لا تحيدن عنها كي لا ينقض غزلك بعد قوة أنكاثا فتنقلب على عقبيك خاسرا. 
غامر و هاجر في بلاد الله، و ادعي ما تشاء و اعتنق ما يبدو لك صائبا، و تيقن أنك في النهاية إلى الله سائر.

  1. رحلة البحث

  - لو أن المسلم ترك سدى في هذه الحياة، لتمنى أن يكون الإسلام دينه. سيجرب الحرية و السطو و التعدي و الانغماس في كل الملذات،  و في الأخير سيمل، سيشعر بالنقص عندما يجد أن له كل ما  كان يريد، سيبدأ في إدراك أن السعادة ليست هنا، و أنه مخلوق مبهم ، لا يعرف لم يعيش. و ما أتفه أن يصدق أنه عبث هذا الوجود فيهرب من واقعه . 

- لو أن هذا الإنسان العنيد حاول أن يشغل عقله و يطرح تساؤلات وشكوك،  و يبحث في نفسه و محيطه ليعلم أن سرمجيئه هو التدبر و التعرف على خالقه، حتما سيهتدي عندما يخوض في تجارب  متعددة، فالبحث عن الحقيقة دائما يوصل للطريق الصحيح، وهذا ما نستخلصه في دعوة الله لنا للعلم في قوله سبحانه ( فاعلم أنه لا إله إلا الله) . 

2. أثناء الرحلة

من المؤسف أن جل شبابنا يؤمن بالعادة والاعتياد، ولم يتعلم أن يبدأ رحلة الإيمان. و رغم خطورة هذا الأمر أحيانا، الذي قد يودي بنتائج عكسية إن لم تكن الأسباب سليمة و الدوافع صادقة. 

سبحان الله عندما تكشف الحقيقة للانسان، حقيقة وجود الله المدبر الواحد، و الوحيد، و المتصرف في كل شيء.

 و الحقيقة المطلقة هو أن كل اجتهاداته و دهائه و نظرياته التي خاضها في محاولة لإمكانية إيجاد حياة سليمة سعيدة خارج سنة الله باءت بالفشل، و أنه لا مفر له من سلطة الله و أن لا حول ولا قوة إلا بالله، حقيقة لا ريب فيها، ستعيده لولادة جديدة بحيث هاته المرة هو يدرك البداية، فبالتالي سيستطيع أن يخوض رحلته بسلام حتى يكون مستعدا لمواجهة النهاية. 

3. الإخلاص و الولاية 

حقا، شتان بين إسلام موروث بالعادة و بين إسلام مبني على عقل و جواب للعديد من الأطروحات. هنا مربط الفرس،  هنا نقطة تحول كل جيل و كل أمة، و رهان نهوضها و نجاحها، حيث العزيمة و الإقدام واللا عودة، لذلك نجد أن من اختار هذا الدين عن حب و طواعية لا يتراجع في مواقفه مهما كان الثمن غاليا. 

هذا ما نفتقده مع شدة الأسف، فنحن مسلمون في الرخاء مذبذبون ساعة الابتلاء، و قليل منا من يصمد في الشدائد و حين البأس، وتلك هي اللحظة الحاسمة التي يفوز بها المؤمن بالإخلاص والولاية.

- ومن هو ذو حظ عظيم ليكون من أهلها، هي مرحلة صعبة للغاية حيث تتساوى الحياة مع الموت و تصبح الغايات أعمق من كل ذلك. لذلك لا نستغرب أن نرى مؤمنا رجلا بمائة رجل لأنه وفق فاتخذ الله وليا، فجازاه الله بالنصر و المعية.

 وحتى إن بدا لنا مهزوما ضعيفا في قصر نظرنا، فهو يكون قد بلغ حد المستطاع و سلم الحكم لله وهو راض موقن برضى ربه عنه و في ذات الآن خجول من نفسه أمام ربه، فهو يشعر بتقصيره و كيف أن حكمة ربه شاءت أن يكون من المخلصين. 

إنه لا يرى أنه أهل لتلك المنزلة، فيكتفي بالشكر والامتنان، و يسأل ربه الثبات حتى لا تزل الأقدام. 

فمتى نكون ذاك الإنسان الذي لا يخيفه الصراط و لا الميزان و لا يأبه بغضب النيران، لأنه ببساطة يحب ربه ولا يخافه فحسب. إنه الحب الذي لا يشبه الحب الأعمى بيننا نحن البشر إنه حب الروح لروح بارئها هي معرفة العارفين و أمان  الخائفين . فطوبى لمن كان من هؤلاء العاشقين.

- إن عبادة الله تعني أننا نعبده خشية منه و رجاء في رحمته و أنه المتفرد باستحقاق العبادة دون غيره، فكل من خرج عن هذا المعنى لم يكن عبدا لله و إن ادعى ذلك.

 و بالنسبة لحب الله تعالى فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم : من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه. يكفي المؤمن شرفا هذه النعمة و هذا الحب .

-  إن الإنسان الذي لم يتعرف على ربه كيف سيحبه. إذا لم ير في خلقه من العدم و من تكريمه على باقي المخلوقات اختيار الله له، و إن لم يتجلى له حب الله الغني عنه المكرم المنعم بغناه و فضله عليه أنى له أن يفهم ذاته و رسالته التي وجد من أجلها. 

- إن رحلة الإيمان تقتضي من الإنسان الباحث عن الحقيقة تحري الصدق و الاستبصار في آيات الله الكونية و القرآنية لتذوق الانسجام التام بينهما. و كيف أنه ضمن هذه الآيات كان المكلف الوحيد إلى جانب الجن، فوجب عليه الانقياد التام لعظمة الله رب العالمين و الإيمان به حق الإيمان و الإسلام له. 

- إنه لمن السفاهة أن تجد شخصا يريد أن يخوض معك تجربة رحلة الإيمان هاته و في نفس الوقت يقول لك : هيا نخضها بعيدا عن الله.

 ألا يعد هذا ضرب من الجنون أو هو الجنون بعينه. كأن يغمض أحدنا عينيه و يقول هيا نبحث عن النور. و ربنا جل في علاه يقول : و في الأرض آيات للموقنين (20) وفي أنفسكم أفلا تبصرون (21).  

فكيف يريد هذا الإنسان أن يخرج من الواقع ليبحث عن الوهم إن كان كل ما في السماوات و الأرض يدل على الله الوارث المبدع. لا شك أن من يتبنى هذا المبدأ فإنما هو يكذب على نفسه و يتبع هواه.

ذلك الكتاب لا ريب

في مجتمع تنخر فيه الأمراض شبهات و شهوات بعضها فوق بعض، في بيئة امتزجت فيها الثقافة بالنزوات حتى أصبحت تحت ما يسمى علوما و تنمية و فنون عيش، و ما هي في الحقيقة إلا قناعا و خديعة لتمرير خطط مدروسة منذ زمن بعيد من أعداء هذا الدين، و الكل في غفلة لا في نوم و لا في يقظة فمتى نستيقظ ؟

ذلك الكتاب لا ريب
لماذا القرآن أولاً 
 لماذا القرآن أولا؟

القرآن اللبنة الأساس

نعيش أياما لا تشبه حتى أيام الجاهلية الأولى، فلا نحن معذورون بجهلنا و لا نحن خير أمة أخرجت للناس. هي ليست مبالغة و لا إجحافا، عندما صار خطاب الهوى يلوح في الأفق، هذا يعني أن الآن يدق ناقوس الخطر، كيف، عندما يصبح الأمر بالمعروف اعتداء على الحرية و الاقتداء بالصالحين رجعية، هنا أقول نحن في خطر، فشتان بين من عاش على القيم و تربى عليها و شاهد فعاليتها في إصلاح المجتمعات  و بين من نشأ في  المتناقضات و ما وجد غير مفاهيم مغلوطة لكل ما فطر الله الدنيا و الناس عليها.    

القرآن مصدر كل العلوم

  سأختصر و أقول، الله الله في القرآن، ليس بدافع الإيمان فحسب، و لكن بدافع الفهم أولا، الذي لا يمكن الاستغناء عنه. قبل أن تكون لك حرية الاعتقاد، كان لزاما أن تسمع لهذا القرآن بهدف الفهم و المغزى من وجودك في هذه الحياة.

 فكما صار من الطبيعي جدا أن تنفتح على كل ما أصبح متداولا هاته الأيام، فالأولى أن تستمع، أن تقرأ و تتدبر في كتاب فاق تأليف البشر، و تباشر في الإنصات له مرات و مرات، حتما ستبدو لك كل الأشياء أوضح من حولك. 

المشكل المعقد الذي لم نستطع بعد تجاوزه هو حديثنا عن العبادات و الشعائر حيث صار أبناؤنا يرونها عبئا عليهم و حق لهم ذلك ما دمنا لم نثبت توجيهاتهم وعقيدتهم بشكل سليم.

 أنصح نفسي و كل مسلم يعاني غربة إسلامه مع أبنائه و محيطه، اعرض القرآن و ادرسه و أقبل عليه قراءة و  سمعا و تدبرا، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة. عندما يثبت التوحيد لا تزعزه الشبهات و إن أخذته الشهوات حينا بعد حين  ما دام هذا الإنسان يعود و يتوب. 

فلنكن داعين إلى الله و على نهج نبينا صلى الله عليه و سلم. أما أن نتخبط في صراع فاشل و نضعف في إقناع جيلنا بالدين و الاعتزاز به في خضم كل هاته الأمواج العاتية من الفتن، فليس في فعلنا هذا من الحكمة في شيء، بل نزيد الطين بلة و نطمس بتهورنا ما تبقى من هذا الدين. و لا ننسى أننا سنحاسب على هذا كل منا على قدر مسؤوليته. خلاصة القول القرآن دستور الأمم وهو للمؤمنين هدى ونور وشفاء.

MAGDA
بواسطة : MAGDA
ماجدة الضراوي: - طنجة. المغرب. - صانعة محتوى كتابي أدبي. -حاصلة على الإجازة في القانون خاص. - أستاذة لغة إنجليزية بالسلك الابتدائي الخاص. - درست القرآن الكريم برواية ورش عن نافع في معهد عائشة أم المؤمنين بطنجة. - درست في المركز اللغوي الأمريكي - طالبة في برنامج البناء المنهجي دفعة البشائر 5 الاهتمامات الأدبية: - الكتابة والشعر والقصص القصيرة. العضوية والنشر: - عضوة في منتديات متعددة في الوطن العربي - نشرت بعض أعمالها في المجلات المحلية الطموح. - المساهمة في إثراء المحتوى الأدبي. - تسليط الضوء على صوت المرأة في مجال الكتابة الإبداعية وباقي ميادين الحياة. رابط القناة على اليوتيوب: النسخة الإنجليزية https://www.youtube.com/@memeathoughts-dr
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-